رحلة البحث عن المجد والألقاب [ Hajime No Ippo ]

بسم الله الرحمـــ آ ــن الرحيم

السّلامُ عَلَيْكُم وَرَحْمَةُ اللهِ تَعَالَى وَبَرَكَاتُهُ

كثرت في الآونة الأخيرة العديد من الأنميات الرائعة بشتى أنواعها وأصنافها، منها الشونين، السينين، الشوجو إلى غيره.. إلى أنه نجد القليل فقط من الأنميات التي تجسد لنا رياضة ما سواء كانت شعبية مثل كرة القدم أو كرة السلة أو باقي أقرنائها من الرياضات الأخرى ككرة المضرب، التنس وحتى الملاكمة. الشيئ السلبي في تبني فكرة لرياضة ما، هي أن الإستوديو أو الكاتب يكون أمام معضلتين. هل الإعتماد على أحداث الأنمي داخل إطار واقعي دون اللجوء إلى الفانتازي أو القوى الخارقة الخ.. خاصة وإن كان الأنمي شونين حيث يعرف البطل بامتلاكه شيئا يميزه عن باقي الشخصيات الأخرى ويقوم بحبكها طوال حلقات السلسلة. لهذا يكون العمل على مثل هاته الأعمال الرياضية معرضا يا إما للنجاح وإن قدُر الكاتب والإستوديو على طرز حلقات السلسلة أو الفلم او أي شيئ من هذا القبيل في جو ملائم للقارئ و المشاهد، يا إما للفشل الذريع إن لم يتم التوفيق في ذلك. على الرغم من هذا كله لا يعني أنه يوجد إنعدام في الانميات الرياضية التي حققت نجاحا باهرا في جميع المجالات سواء على مستوى البيع أو المشاهدة أو حتى الشعبية داخل أو خارج اليابان. لهذا، اخترت لكم هذا العمل بالضبط كونه وفي نظري الشخصي من أفضل ما تم إنتاجه على مستوى الأنميات الرياضية. أنمي جمع ما بين الواقع والقليل من الخيال بالتالي كان مزج الإثنين معا نقطة قوة لصالحه ولصالح الإستوديو المنتج أيضا كونه أحد أعمال أنجح الإستوديوهات مادهاوس.

Hajime No Ippo                                                             - MouaaD

Hajime No Ippo                                                             - MouaaD

ماكونوتشي إيبو، تلميذ خجول يتعرض للعديد من المضايقات في مدرسته من طرف التلامذة المتنمرين في سنه، في أحد الأيام قام أحد الملاكمين والمدعو تاكامورا بإنقاذه من بعض زملائه الغير ودودين الذين كانوا يحاولون ضربه، اُعجب ماكونوتشي بالقدرات القتالية لهذا الشخص والمدعو تاكامورا الأمر الذي جعله يتحفز إلى بداية التدريب والخوض في غمار هاته الرياضة القتالية والخطرة. وجد ماكونوتشي نفسه داخل زوبعة الملاكمة وأمام هوايته الجديدة والتي أصبحت شغفه وهمه الوحيد حيث أصبح بهذا يتحدى عالم الملاكمة ومن فيه.

 وُجد العديد من الأنميات الشونينية المرتكزة أساسا على القتال، لكن فقط القليل منهم من قدر على الوصول إلى نقطة الحبكة النقية للقصة وانسيابها مع الشخصيات والأحداث على طوال الحلقات، سواء الأنميات الطويلة المعروفة مثل بليش، ناروتو، ون بيس أو القصيرة والشهيرة منها فول ميتال آلكيميست، بمعنى آخر أن القليل من هاته الأنميات الشونينية التي استطاعت التغلب على عقبات الصنف القتالي من ضمنها القتالات التي تدوم عدة حلقات على سبيل المثال دراغونبول زد أو يويو هاكشو لكن ليس بذلك العمق المطلوب أو الحبكة المطلوبة هي الأخرى.. هنا جاءت سلسلة هاجيمي نو إيبو وبرهنت عكس ذلك وقلبت موازين وتعريف الأنميات القتالية بترأسها عرش أفضل وأنجح الأنميات التي تحمل طابعا قتاليا ونزالات تدوم أكثر من حلقة واحدة. بالتالي، قامت سلسلة هاجيمي نو إيبو بتجسيد المعنى الحقيقي للمعارك الضارية، تشجيع المعجبين، بل الأكثر من هذا بإمكانك شم رائحة عرق الملاكمين عبر مشاهدتك للحلقات. ناهيك عن القصة الرائعة و حس الدعابة المتواجد بكثرة هو الآخر وسط أحداث السلسلة.

هاجيمي نو إيبو هو سلسلة ذات ثلاث مواسم لحد الآن، كل موسم يجسد رحلة الفوز بالملاكم القوي بالألقاب القوية، ركزت السلسلة أساسا على التفاصيل الدقيقة للعبة الملاكمة ورحلة التعرف إلى هاته الرياضة الجميلة والخطرة في نفس الوقت عبر تقديم قوانينها، مراحلها، كيفية تحكيمها وتجسيد أغلب الأحيان بعض اللكمات الحقيقة إلى ما ذلك. نرى خاصة في الجزء الثاني من السلسلة تركيز العاملين على عليها فيما يتعلق بالمعارك الضارية، الضربات المباشرة، حدة صوت اللكمات، عرق الملاكمين الخ. اللهم لا دل إلا على التغير الكامل لتعريف التصاميم الجزئية والكلية لهكذا سلسلات متمركزة حول القتال داخل الحلبة. عبر سلسلة هاجيمي نو إيبو يجسد لنا الكاتب مدى صعوبة ومشقة أن تكون ملاكما محترفا عبر مرور البطل إيبو من العديد من المصاعب سواء في التدريب أو خارجه أو حتى المزامنة ما بين الأكل والشرب والدراسة والأعمال المنزلية والهوايات إلى الحياة الشخصية له أيضا. الجدير بالذكر هنا، أن السلسلة قدمت نبذة وتاريخ متسلسل ومتزامن للعبة، ليس هذا هو الأمر المثير لكن من قام بصياغة المانغا جورج موريكاوا فقد كان على كل دراية فيما يتعلق بهاته الرياضة لأنه لم يكن فقط ملاكما سابقا وإنما مدرب ملاكمة أيضا. الأمر الذي ساعد الطاقم في فهم العديد من المصطلحات والتفاصيل المتعلقة بالسلسلة.

كما تم ذكره أعلاه، الأمر الجدير بالذكر بخصوص الأنمي هو أن صائغ المانغا جورج موريكاوا فقد كان ملاكما سابقا ومدربا أيضا ناهيك عن ممارسته عملا داخل الصحافة الرياضية. بالتالي هنالك العديد من الأمور التي حاكت الواقع تم إدراجها داخل السلسلة من أسماء لأبطال وحركات وضربات إلى ما ذلك. من بين التقنيات أو الأساليب التي تم اعتمادها داخل السلسلة، حركة الديمبسي رول، هاته الحركة تم استعمالها في الحياة الواقعية من قبل الملاكم الأمريكي ويليام هاريسون جاك ديمبسي أيضا الملاكم الأمريكي الآخر الشهير مايك تايسون. استُعملت هاته الحركة داخل السلسلة من قبل بطلها إيبو ماكونوتشي حيث أصبحت الحركة التي يشتهر بها داخل عالم الملاكمة. تتمركز قوة هاته الحركة عبر التغيير الكلي لوزن الملاكم واستعماله لصالحه عبر حركات دورانية متتابعة للخصر والظهر الأمر الذي يعطي قوة هائلة للكمة التي تلي هاته الحركات الدورانية وبشكل منتظم ومتوازن اللهم إن أدت إلى فقدان الملاكم لتوازنه وتكون أداة ضده في تلك الحالة. لم يكتف صاحب المانغا بالإستعمال والنسخ الكلي لهاته الحركة بل قام بإدخال تطويرات عليها داخل السلسلة بطريقته الخاصة عبر استعمال بطلها إيبو ماكونوتشي وذلك عن طريق خبرته داخل الحلبة كملاكم سابق ومدرب بالأمور التي كان يظن أنها تستحق التعديل عليها.

هنالك أيضا حركة الفليكر جاب، تم استعمالها من قبل طومي هيرنز والذي اشتهر بهاته الحركة إلى جانب استعمالها داخل السلسلة من قبل كل من ماشيبا ريو وماكينو فوميتو. تعتمد أساسا هاته التقنية على استعمال اليد اليسرى للملاكم حيت تعطيه أفضلية أمام الملاكمين ذوي الإستعمال الكلي لليد اليمنى خاصة وإن كان الملاكم المستعمل لنفس الحركة يمتلك دراعين طويلتين تمكنانه من استعمال التقنية بكل ارتياح. اخترت بالضبط هاتين الحركتين من الجزء الأول للسلسلة كونهما الأشهر والمفضلتين لدي أيضا، لا يعني أن الأنمي انحصر على هاتين التقنيتين لكن هنالك العديد والعديد من الأمور المدهشة الأخرى والتي تتعلق بعالم الملاكمة والرياضة ككل ستكتشفونها مع مشاهدتكم ومتابعتكم للسلسلة. هنا أقدم لكم رابطين يحتويان على مشاهد واقعية لكل من حركتي الديمبسي رول والفليكر جاب للملاكمين اللذان اشتهرا بذلك.

- مارفن هاغلر الذي اشتهر بحركة الفليكر جاب في مباراة ضد طومي هيرنس سنة 1985 هنــا
- جاك ديمبسي صاحب الديمبسي رول هنــا

بخصوص معجبي الأنميات القديمة من بينها كوبوي بيبوب و تريغان، فالأسلوب الموسيقي والفخامة الصوتية هي نفسها تقريبا، الأمر ليس محض صدفة لكن الموسيقى الخاصة بتريغان وهاجيمي نو إيبو قد تم تجميعها من طرف نفس الشخص، تيسنوي إيماهوري فالأسلوب بينهما مقارن بوضوح جدا. شخصيا قد استمتعت جدا فيما يتعلق بالجانب الموسيقي كما فعلت بالنسبة للأنمي تريغان. هذا لا يعني أن نقطة القوة الخاصة بالسلسلة تكمن في الموسيقى لكن بالضبط أحب الإشارة إلى المؤثرات الصوتية حيث أن الإستوديو وطاقمه قد أنتجا عملا فنيا رائعا فيما يتأتى بالمؤثرات الصوتية وخاصة أن السلسلة تعتمد على نزالات متعددة داخل حلبة الملاكمة، الأمر الجلي هو العمل بشكل أدق على أبسط التفاصيل فيما يتأتّي إلى اللكمات، حيث يمنح ذلك السلسلة وللمتابع أيضا رونقا واقعيا يجعله يعيش مع النزال كيفما كان، بطولة أو مباراة مصيرية أو ودية لهذا كان من الجلي العمل التفنني والرائع على هذا الجانب. ليس هذا وحده لكن ما لفت إعجابي الخاص، وأكرر، الخــــــاص! هو روح الدعابة المتواصلة داخلة السلسلة بدءا من الجزء الأول مرورا بالروح المقاتلة، الجزء الثاني إلى الجزء الثالث، استهل صاحب السلسلة الأمور بشكل جدي مرورا بمواقف كوميدية فدة خاصة المواقف الشخصية والداخلية المحصورة بين شخصيات السلسلة المحيطة بالبطل مرورا إلى الملاكمين المواجهين له إلى ما ذلك. على الرغم من كل الآراء الإيجابية في حق السلسلة لا يعني أنها خالية من العيوب والشوائب و سيكون من غير المنصف التذكير بالرسم الضعيف للشخصيات في بعض الأحيان بالإضافة إلى حلقة أو اثنتين فيلر خارج أسوار القصة الأصلية التابعة للمانغا والتي تم عرضهما بالجزء الثاني للأنمي تحت عنوان: الروح القتالية. وهو أمر غير متوقع بتاتا بالنسبة لسلسلة بمثل هذا الطول وليس كأقرنائها التي ما تحتاج غالبا إلى حلقات فيلر في بعض الأحيان.

هاجيمي نو إيبو سلسلة رياضية شونينية تمكن المشاهد من الإستمتاع الغير المتناهي بالأحداث، النزالات الخاصة برياضة الملاكمة، الموسيقى والفكاهة بالإضافة إلى العديد من الميزات الأخرى بكل تأكيد. فكما قلت أعلاه وسبق لي الذكر، فقد غيرت هاته السلسلة المفهوم الكلي لأنمي يعتمد أساسا على نزالات وقتالات تمتد على طول حلقات وحلقات. خاصة وإن كنت ستتابعون هاته السلسلة فقد تصادفون مباريات ستحبس أنفاسكم خاصة الجزء الثاني والذي سيتفنن إستوديو مادهاوس في إنتاجه كثيرا. شخصيا أشجع كل من يبحث عن سلسلة شونينية رياضية تبعث الحماس في الروح فهاجيمي نو إيبو قد تكون ضالته. لن أقوم بوضع تقييم محدد للسلسلة لأنني أعتقد أنه لا يمكن حصر كل سلسلة على حدة وسط عدد سواء كان مرتفعا أم العكس لكن سأكتفي بالقول على أن السلسلة ممتازة وتستحق المشاهدة من قبل كل من يهوى الرياضة أم لا فقد تكون السبب للبعض من النهوض من أسرتهم وحالة الخمول إلى القيام ببعض تمارين الضغط كما حدث معي في الجزء الأول قبل سنوات.

Hajime No Ippo                                                             - MouaaD

ختاما، قراءة هنيئة للجميع وأتمنى أن يكون موضوعي   
  هذا أو بالأحرى هاته المراجعة خفيفة على القلب وقابلة
للقراءة بشكل سلسل وبسيط. شكرا على مروركم.      
كل الحقوق محفوظة MouaàD                                     

 منقول