خاطرة : هَـلْ لَنَا أنْ نَشيبَ مَعاً

هَـلْ لَنا  أنْ نَشيبَ مَعاً !
أَنْ نَستَيقظَ كُلَّ صَباحْ، وَ نَغْسلَ وَجهنَا منْ أنْفسنَا و نَجلسَ قُرابةَ بَعْضِنَا، نَشربُ القهْوة و نَتحدّثُ فِي أتفهِ الأشياءْ، و نَضحكَ عَلى أتْفَهِ الأَشيَاءْ، وَنُعرّي أَنفُسَنا مِن تَفَاصيلِ الخَجَل، و أَكونَ أنْتِ و تَكُونينَ أنَا، نَفْتَح نَوافذَ الصّباحِ لـ شَوق لَا يَنتهِي، أُغَازلكِ كُلمَا مَررتِ بـ جانِبِي، و أَسبَحُ فِي سَوادِ شَعْرِكِ الحَريريّ النَاعمْ، و أَرْسُمَ مُستَقبلِنا فِي خُطُوطِ يَديْكِ البَارِدَتينِ كَـ تُفاحَة نَسَتْهَا الأَقْدَارِ فِي أُفقِ الدّنيا.

هَـلْ لَنَا أنْ نَشيبَ مَعاً !
أَنْ أَكُونَكِ و تَكُونِينِي، أَنْ أَنْغَمِسَ فيكِ و تَنْغَمسينَ فِيَّ، أنْ تَشْتَبِكَ  يَدَايَ فِي تَوَهَانِ أَصابِعِكِ ، و تُقْسِمَ - بـ قَدَاسَةِ هَذا الحّب الذِي سَكَنَ شَمالَ الصـدرِ دُونَ سَابقِ إنْدَارْ -
أَنْ تَرْفُضَ الإلْتِحَامَ بـ أَصابع غَيْرَ أَصابعِي، هَلْ لَنَا أَنْ نَخْرُجَ مِنْ هَذا الفَـراغْ، و نفرضَ وُجودَ هَذا الحبَّ فِي عَالم فَقَدَ نَكْهَته ..
هَـلْ لِي أَنْ أَنْشَطِرَ فِيكِ قِطْعَةً قْطْعة، أُمَررَ شَفَتايَ لـ تَتَزَحْلَقَانِ فِي مَسَافَاتِ وَجْهِكِ المَلائكي البَريئْ، أؤجلَ جَميعَ مَواعِيدِي لـ أُجالِسَ عَيْنَيكِ سَاعات طِوَال لَا تَنْتَهي ..
أَيتهَا المُهَرْوِلَة صَوْبَ أَرْضِ الغِيابْ، أَلَمْ تُدْرِكِي بَعْدُ، أنَّ الحبَّ فِيكَ صَارَ إبتِلَائي ؟ مَوْطِنِي و انْتِمَائِي ؟ أَلَمْ تَقَرئِي سُطُورَ عَيْنَايْ و هِيَ تُحَاكِي صَمْتَ أَلْفِ عَام مِنَ الفَقدِ و الإنْتِظآرْ؟  هَـلْ لَكِ أنْ تَتَحَسّسِي قَلْبِي ؟ أنْ تُجِيبِي عَنْ أَسئِلَتِهِ التِي لَطالمَا أَدْرَكَنَا صِدْقها ؟

يَا ابْنَة الكِرامْ، يَا النّائِمَة فِي حُضنِ الإنْتِظآرْ، قُدّرَ عَلينَا السّقُوطْ فِي حُفرة من حفراتِ الحب العَميقة، فَلا مَهْرَبَ مِنْ خُيُوطِ العَينْ، فلَيْسَ هُناكَ صَوْتٌ لـ النجاةْ، لَيْسَ هُنَاكَ مُتّسَعٌ لـ الإخْتِيـارْ ، فانْفُضِي عَنْكِ غُبـارَ الغِياب، و اقتَربِي مِنْ حُضْن يَسَعُكِ و يَسَعُ الدّنياَ بِكِ ، حَقّقِي أمْنياتَ الأغَانِي الغَريبَة، سَلّمِي نَفْسَكِ لـ هذَا الطَريقِ الطَويل ..

هَـلْ لَنَا أَنْ نَشيَبَ مَعاً !
أَنْ نكْبُرَ مَعاً، نَشيخَ معاً ، نَتْرُكَ طُفولتنَا فِي يَدِ المَاضِي و نَغْدُو، سكيرين مِنَ نَبيذِ الليالِي التَعيسَة، هَـل لَنَا أنْ نُعْطِي الحق لـ أَنْفُسنَا بـ الإندِلاعْ، نُشرقَ معاً، و نَطفوُ معاً، هَـل لنا أنْ نَنتظرَ النوارِس كلّ عَـام معاً،  أنْ نَشربَ الخَمـرَ معاً،  نُغطّي المَساءَات بدخانِ السَجائر، نُقدم الإستقَالة لـ البُكاءْ و نَخرجَ لـ سَاحةَ المَدينة، عارِيينَ مِنْ تفاصيلِ الحُـزنْ .

هـل لَنا أنْ نَشيبَ معاً !
أَنْ نَحْتَفـل مَعاً بـ عِيدِ مِيلادِ أوّل خَصْلـة بَيضَـاءَ تَرْسُو فِي سَوادِ شَعْرِكِ الفَرَنْسِي، وَ نَضحَكَ فِي وُجوهِ بَعْضِنا، كُلّمـا سَرقتِ الأعْوامُ منّا تَفَاصيلَ الطُفُولة، أَنْ نَتَوقّـعَ كُلَّ صَبـاحْ جَنـازةَ وَاحد مِنّا، نَتمنّى أَنْ نَسبقَ بَعْضَنا لـ المَوت، فَكلانَا يُدْرِكُ أنْ التّكـريمَ الأخير سَيَكُونُ آخـرَ إشْرَاقـةَ لـ الفـرحْ .


هل أعجبك الموضوع ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة ©2012-2013 | ، نقل بدون تصريح ممنوع . معلومة جديدة